هل تشعر بأن رؤيتك أصبحت غير واضحة أو ضبابية كما لو أنك تنظر من خلال زجاج معتم؟ قد يكون السبب هو الماء الابيض في العين، الذي يُعد من أكثر أمراض العيون شيوعاً خاصة مع التقدم في العمر يُعرف الماء الأبيض بأنه تغيّر في شفافية عدسة العين يؤدي إلى تقليل وضوح الرؤية تدريجياً. 

في هذا المقال من خلال دكتور أحمد الهبش، سنستعرض معاً الأعراض التي تشير إلى وجود الماء الأبيض في العين، وأهم الأسباب التي تؤدي إلى حدوثه، بالإضافة إلى العلاجات المتاحة التي يمكن أن تساعد في استعادة الرؤية وتحسين جودة حياتك اليومية، تعرف على كل ما تحتاج لمعرفته حول هذا المرض الشائع وكيفية التعامل معه بفعالية.

أعراض الإصابة بالماء الأبيض في العين

تظهر حالة الماء الأبيض في العين من خلال مجموعة من الأعراض والعلامات المميزة، ومن أبرزها:

• التغير السريع في قياس النظارات الطبية: في المراحل المبكرة، قد يلاحظ المريض حاجة متزايدة لتغيير نظارته بوتيرة أسرع من المعتاد، أحياناً كل بضعة أشهر.
• ضعف الإضاءة وتلاشي الألوان: يشعر المريض بأن الألوان تبدو باهتة أو غير واضحة كما كانت من قبل.
• الإبهار البصري: يحدث بشكل خاص عند التعرض لأشعة الشمس الساطعة أو أثناء القيادة ليلاً، حيث تتسبب الأضواء في تشويش الرؤية.
• زيادة تشوش الرؤية: حتى بعد تحديث قياسات النظارات، يظل المريض يعاني من صعوبة في الرؤية بوضوح.
• الشعور برؤية من خلال ستارة أو زجاج ضبابي: يصف البعض هذا الإحساس وكأنهم ينظرون عبر طبقة شفافة غير نقية.
• ظهور هالات حول الأضواء: رؤية هالات ضوئية حول المصابيح والأضواء الأخرى، خصوصًا في الليل.
• ازدواج الرؤية في عين واحدة: يرى المريض صورة مزدوجة أو غير واضحة بعين واحدة.

يوفر د. أحمد الهبش استشارات دقيقة حول أمراض العيون، بما في ذلك تشخيص أعراض الماء الأبيض التي قد تؤثر على الرؤية وتحتاج إلى تدخل طبي متخصص لاستعادة صحة العين.

أسباب الإصابة بالماء الأبيض في العين

تتعدد الأسباب والعوامل التي يمكن أن تؤدي إلى ظهور الماء الأبيض في العين، ومن أهم هذه الأسباب:

 التقدم بالعمر

مع التقدم في السن، تصبح عدسة العين أكثر تعكّرًا وتشوشًا، وهو أمر طبيعي يحدث لمعظم الأشخاص. الفئة العمرية الأكثر عرضة لهذه الحالة تتراوح بين 55-80 عامًا. يعد تعكر العدسة أحد أكثر الأسباب شيوعًا للماء الأبيض، ويشبه إلى حد كبير ظاهرة الشيب في الشعر.

العوامل الوراثية والجينات

قد تلعب الوراثة والجينات دورًا هامًا في تطور إعتام عدسة العين في سن مبكرة بشكل يفوق المتوقع كما يوجد نوع خاص يعرف بـ”الساد الخلقي”، الذي ينشأ نتيجة عوامل وراثية أو أمراض خلقية تؤثر على عملية الاستقلاب.

التعرض للإصابات والحوادث

يمكن أن تؤدي الإصابات المباشرة في منطقة الرأس والوجه، خاصة تلك التي تصيب العين مباشرة، كما يحدث في بعض حوادث السير أو أثناء ممارسة الرياضة، إلى الإصابة بالماء الأبيض كذلك، التعرض للإشعاع في منطقة الرأس والوجه يزيد من احتمالية تطور هذه الحالة.

عوامل أخرى

تشمل عوامل إضافية قد تزيد من خطر الإصابة بالماء الأبيض:

• التعرض المفرط لأشعة الشمس: لفترات طويلة دون حماية.
• الإصابة ببعض الأمراض: مثل مرض السكري الذي يمكن أن يسبب الماء الأبيض في سن مبكرة.
• التهابات العين: خاصة التهابات العنبية (Uveitis).
• استعمال بعض الأدوية لفترات طويلة: مثل أدوية الستيرويدات التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالماء الأبيض.

من الضروري معرفة هذه العوامل واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لتجنب الإصابة بالماء الأبيض والحفاظ على صحة العين.

علاج الماء الأبيض في العين

يُنصح المريض بإجراء جراحة المياه البيضاء عندما تؤثر الحالة على جودة حياته اليومية، مثل صعوبة القراءة أو القيادة وتُعتبر هذه الجراحة من العمليات الآمنة والناجحة بنسبة كبيرة، حيث يمكن للمريض غالبًا مغادرة المستشفى في نفس اليوم.

هناك طريقتان رئيسيتان لجراحة المياه البيضاء:

جراحة الفاكو (Phacoemulsification) باستخدام الموجات فوق الصوتية

في هذه الطريقة، يقوم الطبيب بإحداث شق دقيق في القرنية، ثم يُدخل أداة رفيعة تستخدم الموجات فوق الصوتية لتفتيت العدسة إلى أجزاء صغيرة، ثم تُسحب تلك الأجزاء خارج العين تترك الكبسولة التي تحيط بالعدسة سليمة لتوضع فيها العدسة الصناعية. قد يتطلب الشق بعض الغرز الصغيرة لإغلاقه بشكل محكم.

الجراحة خارج الكبسولة (Extracapsular surgery)

تُستخدم هذه الطريقة عادةً في الحالات التي يعاني فيها المريض من مضاعفات أخرى في العين. يجري الطبيب شقًا أكبر في العين لإزالة العدسة المتضررة وجزء من الكبسولة الأمامية، مع ترك الجزء الخلفي من الكبسولة لدعم العدسة الصناعية الجديدة يتم إغلاق الجرح باستخدام الغرز الجراحية.

كلتا الطريقتين تهدفان إلى تحسين الرؤية واستعادة جودة الحياة للمريض، وتختار الطريقة الأنسب بناءً على حالة العين والتوصيات الطبية.

يُفضل إجراء الجراحة في وقت مبكر لتجنب المضاعفات وضمان نتائج أفضل للرؤية، ويُفضل استشارة طبيب العيون لفحص دقيق وتقييم الحالة بشكل مبكر.

انواع الماء الابيض في العين

توجد خمسة أنواع من الماء الأبيض يمكن أن تصيب العين، وهي:

• الماء الأبيض في مركز عدسة العين : يبدأ هذا النوع عادةً بشكوى من قصر النظر، وقد يشعر المريض بتحسن مؤقت في القدرة على القراءة، لكنه يتبع بتغيير تدريجي في لون العدسة إلى الأصفر ثم البني، مما يجعل التمييز بين الألوان المختلفة أكثر صعوبة.
• الماء الأبيض في أطراف عدسة العين: تظهر الحالة كبقع أو خطوط بيضاء على حواف العدسة، ثم تتطور ببطء نحو المركز، مما يؤثر تدريجيًا على وضوح الرؤية.
• الماء الأبيض في خلف عدسة العين: يظهر على شكل مناطق معتمة صغيرة خلف العدسة، ويؤثر بشكل مباشر على القدرة على القراءة والرؤية في المناطق ذات الإضاءة العالية، ويتطور هذا النوع عادةً بشكل أسرع من الأنواع الأخرى.
• الماء الأبيض الوراثي: يظهر هذا النوع لدى الأطفال منذ الولادة أو في سنوات الطفولة المبكرة، وغالباً ما يكون نتيجة لعوامل وراثية أو بسبب إصابة أو عدوى حدثت للطفل داخل الرحم.
• الماء الأبيض الثانوي: يتكون نتيجة أمراض أخرى أو كأحد الآثار الجانبية للعلاجات، مثل مرض السكري أو استخدام أدوية الكورتيزون لفترات طويلة عند مرضى الأمراض المناعية.

كل نوع من هذه الأنواع يتطلب تقييمًا طبيًا دقيقًا لتحديد العلاج المناسب والحفاظ على صحة العين والرؤية.

هل يمكن علاج المياه البيضاء في العين بالليزر؟

نعم، يمكن للطبيب اللجوء إلى استخدام تقنية الليزر في علاج بعض حالات المياه البيضاء، وذلك بهدف:

• تصحيح الاستجماتيزم.
• تحسين دقة الإبصار.
• تليين العدسة المصابة بالمياه البيضاء الكثيفة قبل إزالتها باستخدام الموجات الصوتية.

كيفية الاستعداد لجراحة المياه البيضاء في العين

قبل الجراحة بأسبوع أو اثنين، سيقوم الطبيب بإجراء بعض الفحوصات لتحديد نوع العدسة الصناعية المناسب لحالتك كما سيطلب منك الامتناع عن تناول الطعام والشراب لمدة 12 ساعة قبل العملية لضمان سلامة التخدير والإجراء الجراحي.

خطوات جراحة علاج المياه البيضاء

في يوم الجراحة، سيضع الطبيب قطرات خاصة لتوسيع حدقة العين، ثم سيستخدم التخدير الموضعي لتخدير العين بحيث لا تشعر بأي ألم قد يصف لك الطبيب أيضًا أدوية مهدئة لمساعدتك على الاسترخاء بعد ذلك، سيقوم الطبيب بإزالة العدسة المعتمة باستخدام إحدى الطرق الجراحية المذكورة سابقًا، وزراعة عدسة صناعية شفافة مكانها، وفي بعض الحالات، قد تُزال المياه البيضاء دون الحاجة لزراعة عدسة صناعية جديدة.

كيفية تشخيص المياه البيضاء في العين

يعتمد الطبيب في تشخيص المياه البيضاء على أخذ التاريخ المرضي للمريض ومراجعة الأعراض المرافقة للحالة، بالإضافة إلى إجراء مجموعة من الفحوصات البصرية المتخصصة، مثل:

فحص حدة الإبصار

يقوم الطبيب بفحص قدرة العين على الرؤية من خلال استخدام لوحة تحتوي على علامات وأشكال بأحجام مختلفة، حيث يُطلب من المريض النظر إلى اللوحة بعين واحدة بينما تكون الأخرى مغطاة، وذلك لقياس قدرة كل عين على الرؤية بشكل منفصل.

فحص المصباح الشِقي

يستخدم المصباح الشِقي (Slit Lamp) لتوفير رؤية دقيقة لمكونات العين، مثل القرنية، والقزحية، وعدسة العين هذا الجهاز يعتمد على خيط من الضوء المكثف ليسمح للطبيب برؤية الأجزاء الداخلية للعين بوضوح لاكتشاف أي خلل أو تغيرات غير طبيعية.

فحص الشبكية

يقوم الطبيب بتوسيع حدقة العين باستخدام قطرات خاصة، ثم يستخدم المصباح الشِقي أو منظار العين لفحص العدسة والكشف عن وجود المياه البيضاء أو أي تغيرات أخرى داخل العين.

هذه الفحوصات تساعد الطبيب في تحديد نوع ودرجة المياه البيضاء، وتقييم الحالة بدقة لضمان تقديم العلاج الأنسب للمريض.

ماذا يحدث بعد جراحة المياه البيضاء؟

بعد الجراحة، قد تشعر ببعض الوخز أو الآلام الخفيفة في العين لمدة يومين، لكن من الضروري تجنب فرك العين تمامًا قد يوصي الطبيب بوضع ضمادة طبية على العين لحمايتها، وسيصف لك قطرات للوقاية من العدوى أو الالتهابات.

عادةً ما تبدأ الرؤية في التحسن تدريجيًا خلال أيام قليلة، قد تشعر في البداية بتشوش بسيط، ولكن مع التئام العين ستتحسن الرؤية تدريجياً. قد تبدو الألوان أكثر سطوعًا بعد الجراحة، ولكن هذا يرجع إلى أن المياه البيضاء تجعل الأشياء تبدو أغمق مما هي عليه في الواقع.

من المهم المتابعة مع طبيبك بعد يومين من الجراحة للتأكد من سير عملية الشفاء بشكل جيد، ثم زيارته مرة أخرى بعد أسبوع، وبعد ذلك بعد شهر.

غالباً ما يحتاج المرضى إلى ارتداء نظارة لفترة محدودة بعد الجراحة، وعادة ما يتم تحديد ذلك بعد استقرار حالة العين بين شهر إلى ثلاثة أشهر.

إذا كنت تعاني من المياه البيضاء في كلتا العينين، فلن يتم إجراء الجراحة للعينين في نفس الوقت سيؤجل الطبيب الجراحة للعين الثانية حتى تلتئم العين الأولى تمامًا.

نصائح مهمة لما بعد جراحة المياه البيضاء

لضمان تعافٍ سريع وآمن بعد جراحة المياه البيضاء، يُنصح بالالتزام بالتعليمات الطبية التالية:

• ارتداء غطاء العين الطبي: ينبغي ارتداء غطاء العين الذي يصفه الطبيب طوال المدة المحددة. 
• حماية العين من الشمس: استخدام نظارات واقية من الأشعة فوق البنفسجية لحماية العين من الضوء الساطع.
• النوم بوضعية صحيحة: تجنب النوم على الجانب الذي أُجريت فيه العملية لضمان سلامة العين.
• تجنب الماء على العين: يجب الامتناع عن شطف العين بالماء لمدة أسبوع على الأقل بعد الجراحة، وعند الاستحمام، يجب تجنب ملامسة الماء للوجه.
• الالتزام بالعلاج الدوائي: الاستمرار على استخدام القطرات والأدوية الموصوفة من قبل الطبيب.
• تجنب الانحناء وحمل الأثقال: ينبغي تجنب الانحناء المفرط وحمل الأشياء الثقيلة حتى يأذن الطبيب بذلك.

الآثار الجانبية المحتملة لجراحة المياه البيضاء

عادةً لا تظهر آثار جانبية خطيرة بعد العملية، لكن يمكن أن يواجه المريض بعض المشاكل مثل:

• العدوى أو الالتهاب في العين.
• انفصال الشبكية.
• تورم وانتفاخ العين.
• ارتخاء الجفون.
• ارتفاع مؤقت في ضغط العين لمدة 12-24 ساعة بعد العملية.

هل تعود المياه البيضاء بعد الجراحة؟

قد يعاني المريض من عتامة جديدة على عدسة العين بعد عدة أشهر أو سنوات من العملية. يحدث هذا نتيجة لاعتام الكبسولة الخلفية للعين، وهي الجزء الذي يحتوي على العدسة الصناعية الجديدة، ويعرف هذا الوضع بـــــ التعتيم الخلفي للكبسولة.

لحل هذه المشكلة، يمكن اللجوء إلى إجراء جراحي بسيط باستخدام الليزر، حيث يتم التخلص من العتامة بشكل غير مؤلم وخلال دقائق قليلة، مما يعيد الرؤية الواضحة. بعد العملية، يبقى المريض لدى الطبيب لمدة ساعة للاطمئنان على ضغط العين، ثم يمكنه العودة إلى حياته اليومية مع الالتزام بتعليمات الطبيب.

في الختام، يعد الماء الابيض في العين من الحالات الشائعة التي قد تواجه الكثيرين، ولكن بفضل التطور الطبي المتسارع والعلاجات المتاحة اليوم، لم يعد من الصعب التعامل معها بشكل فعّال وآمن، فمن خلال التعرف على الأعراض بشكل مبكر واستشارة الأطباء المختصين مثل الدكتور أحمد الهبش، يمكن تجنب المضاعفات وتحسين جودة الحياة عبر استعادة الرؤية الواضحة. 

إذا كنت تعاني من أي من الأعراض المذكورة أو ترغب في معرفة المزيد عن أسباب وعلاجات الماء الأبيض، فلا تتردد في التواصل مع الدكتور أحمد الهبش للحصول على الاستشارة المناسبة والرعاية الطبية الأمثل. تذكر دائمًا أن الاهتمام بصحة العين هو الخطوة الأولى نحو رؤية مستقبل مشرق وواضح.